الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سير أعلام النبلاء
فخرجت إلى باب الحلبة فقال لي قائل: إلى أين تمشي؟ودفعني دفعة خررت منها وقال: ارجع فإن للناس فيك منفعة.قلت: أريد سلامة ديني.قال: لك ذاك.ولم أر شخصه ثم بعد ذلك طرقتني الأحوال فكنت أتمنى من يكشفها لي فاجتزت بالظفرية (1) ففتح رجل داره وقال: يا عبد القادر أيش طلبت البارحة؟فنسيت فسكت فاغتاظ ودفع الباب في وجهي دفعة عظيمة فلما مشيت ذكرت فرجعت أطلب الباب فلم أجده.قال: وكان حمادا الدباس ثم عرفته بعد وكشف لي جميع ما كان يشكل علي وكنت إذا غبت عنه لطلب العلم وجئت يقول: أيش جاء بك إلينا؟ أنت فقيه مر إلى الفقهاء وأنا أسكت.فلما كان يوم جمعة خرجت مع الجماعة في شدة البرد فدفعني ألقاني في الماء فقلت: غسل الجمعة باسم الله.وكان علي جبة صوف وفي كمي أجزاء فرفعت كمي لئلا تهلك الأجزاء وخلوني ومشوا فعصرت الجبة وتبعتهم وتأذيت بالبرد كثيرا وكان الشيخ يؤذيني ويضربني وإذا جئت يقول: جاءنا اليوم الخبز الكثير والفالوذج وأكلنا وما خبأنا لك وحشة عليك.فطمع في أصحابه وقالوا: أنت فقيه أيش تعمل معنا؟فلما رآهم يؤذونني غار لي وقال: يا كلاب! لم تؤذونه؟ والله ما فيكم مثله وإنما أوذيه لأمتحنه فأراه جبلا لا يتحرك.ثم بعد مدة قدم رجل من همذان يقال له: يوسف الهمذاني وكان يقال: إنه القطب ونزل في رباط فمشيت إليه ولم أره وقيل لي: هو في السرداب.فنزلت إليه فلما رآني قام وأجلسني ففرشني وذكر لي جميع أحوالي وحل لي المشكل علي ثم قال لي: تكلم على الناس.فقلت: يا سيدي أنا رجل__________(1) محلة بشرقي بغداد كبيرة.
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 446 - مجلد رقم: 20
|